إن الحاجة إلى المقاربة النسقية أكثر من ضرورية بحكم الطابع المعقد للظواهر المحيطة بنا. ورغم أن بعض الأشخاص مقتنعون إلى حد ما بهذا المفهوم، ويعتقدون أنهم سمعوا عنه الكثير، أو درسوه بشكل جيد، إلا أنهم لا يستخدمون معارفهم حول التفكير النسقي عندما يحين وقت اتخاذ قرار، أو إيجاد حل لمشاكل معينة.
ويكمن المشكل الحقيقي في أن النظرة الاختزالية هي النزوع الغالب في دراسة الظواهر، في حين أن التفكير النسقي يدعو إلى عكس ذلك؛ أي إلى النظرة الكلية. فمن الصعب جدا الانتقال من نمط معين في التفكير إلى نمط آخر؛ لأن في هذا الانتقال تغيير للنموذج الإرشادي Paradigme. النسق حسب ديمينغ، هو شبكة من المكونات المتبادلة التأثير والتأثر والتي تشتغل مجتمعة من أجل الوصول إلى هدف.
يترتب عن فكرة الارتباط المتبادل لمكونات النسق أن أي تغيير يمس مكونا ما من الشبكة يستتبع تغييرا يطال باقي المكونات، أو على الأقل، مجموعة مهمة منها. يؤكد ديمينغ، كما هو واضح من خلال تعريفه للنسق، على ضرورة وجود هدف واضح لكل جزء من أجزاء النسق؛ فبدون هدف لا يوجد نسق! ويؤكد أيضا أنه كلما كان الارتباط المتبادل كبيرا بين مكونات النسق تزداد أهمية التواصل والتعاون بينها.
ويتميز النسق بمجموعة من الخصائص أهمها:
· وجود حدود للنسق؛ وهي الخط الذي يفصل بين ما هو ضمن النسق وما هو خارج النسق. وتشكل العناصر الموجودة خارج النسق محيطه؛
· الانفتاح؛ فلكي يضمن النسق استمراره الطبيعي ووجوده الحيوي يجب أن يكون في تفاعل وتبادل مستمرين مع محيطه؛
· الخاصية الثالثة تقتضي النظر دائما إلى النسق بصفته نموذجا لتحويل مدخلات Input إلى مخرجات Output. ومن أجل ضمان التحويل الجيد لمدخلاته إلى مخرجات يجب أن يتوفر النسق على تغذية راجعة Feedback، تضمن نقل معلومات حول نتائج تحويل معين إلى مدخلا لنسق لاستعمالها كمدخلات جديدة لتحويل جديد.
· كل مكون من مكونات النسق يمكن تقسيمه إلى أنساق صغيرة (أنساق فرعية) لها نفس خصائص النسق الكلي.
مراجع المقال:
- Barnabé Clerment, la Gestion totale de la Qualité en education |